You are currently viewing رواية شئ% – الفصل الرابع عشر

رواية شئ% – الفصل الرابع عشر

الفصل الرابع عشر

جنون الحب

 

أن تنتبه لما تلبس وتكسو جسدك به.. أن تحرص كيف هي طريقة أكلك.. أن ترى في المرآة كيف هي طريقة ضحكك.. وحتى إبتسامتك.. أن تهتم بطريقة حديثك.. وطريقة إجابتك على هاتفك الجوال.. أن لا تتحدث عن أي أمور تخص عائلتك.. أن تفكر فيما ستقول قبل أي كلمة ستنطقها.. أن تحاول قدر الإمكان أن لا تخسر هلله من مالك الشخصي.. أن تكون بشخصيَّة مصطنعة رسميَّة جِدُّها يغلب هزلها.. أن يكون لأبعاد خيالك حدود لا تتجاوزها وحتى لا تقترب من حدودها.. أن لا تنسى هندام شخصيتك لكي لا يرى حبيبك ما وراء تلك الشخصيَّة أو خباياك بين طيَّاتها.. أن لا تسمح لنفسك التصرف بكل أريحيَّة وحريَّة.. أن تهتم أشد الإهتمام بكل ما تستقبلُهُ حواسك وفؤادك.. أن يكون لكل شبر تخطوه ألف حساب لكي لا تقع في الفخ.. أن تهتم أو بعبارة أدق أن تكون مهووس بطعامك وشرابك أن تحرص على عدم الإكثار منهما.. أن تراجع معتقداتك ومبادِئُك كل يوم لتكون متوقع وجاهز لأي مسائلة في كل مكان وزمان.. أن تحتفظ ولا تفشي أي سر بجميع المجالات والزوايا والإتجاهات وتحذر من البوح كل الحذر.. أن توجِّه مسار أفكارك لسجن حيث يكون عقلك هناك مقيَّد.. أن لا تبحث عن راحتك مُطلقاً.. أن تستصغر أي خطأ كبير كان أو صغير في سبيل راحة من تحب.. أن تفكر كثيراً قبل أن تفكِّر في ما ستفكر به.. أن لا تتحدث عن أي إنسان مهما بلغت حسناته أو سيئاته بنفس جنس حبيبك.. أن تكون راحتك بجميع المقاييس هي آخر ما يهمك.. أن تبحث وتقرأ وتسمع وتشاهد وتدرس كيف تُرضي حبيبك.. أن تحبِّذ الأضواء الخافتة دائماً.. أن تحب رائحة البستان.. أن تحب الشموع.. أن تحسب ألف حساب لأي وجهة أنت متجه ومع مَن ومتى وكيف.. أن تهتم بمعتقدات ومبادئ حبيبك وتكون مشغولاً دائماً في كيفيَّة تغييرها كما يرى كيانك كيف يجب أن تكون.. أن لا تترك وتسمح لأي فرصة مجال لأن لا تخالف تلك التعاليم.

 

بكل بساطة.. عزيزي إذا قمت بذلك فأنت حقَّاً مجنون وأنصحك بمراجعة مستشفى الأمراض العقليَّة.. جنون الحب هو عكس كل ما تم ذِكره في الأعلى لأبعد مدى يمكن لخيالك الوصول إليه.

لست مغتراً أو متعصِّب لرأيي الشخصي ولكن أضرب به المثل لأنه وجهة نظري والإطار الذي أنظر للعاطفة من خلاله, إن أسمى صفات محبتي أن يكون لي ولحبيبتي عالم خاص غالباً نتواجد فيه وحدنا.. وذلك لن يتحقق إلا إذا إتفقت أفكارنا على رأي واحد مهما إختلفت الأمور.. وأن تكون الفطرة سلطانة كل تصرفاتنا.. الفطرة النقيَّة حيث لا وجود للأكاذيب صغيرها وكبيرها.. ولا وجود لأي أسرار حيث يعرف كلٌ منا كل الأمور التي تخص حبيبه.. ولا وجود للتردد حيث لكل تساؤل أو حتى خاطر جواب صريح.. ودائماً يكون لكل تصرف ردة فعل مجنونة هي وليدة التضحية التي يكنها العاشق لحبيبه.. الحب بجنون هو أن يتحرر كلا الطرفين من أي أيدلوجية ميتافيزيقيَّة أو واقعيَّة مرت على التاريخ منذ الأزل وإلى النهاية.

 

لقد خسرت أكثر بكثير من الكثير تضحيتاً في سبيل البحث عن الحب بجنون علني أجد من يبادلني شئ من ذلك الحب المجنون.. لم أربح في تلك المسيرة الفِدائيَّة إلا أمر واحد.. أنني تعلمت بأن ما أبحث عنه ليس موجوداً في هذا العالم.. وأن بعد سبعة وعشرون عام من البحث حان الوقت لضرب ذلك الهراء بعرض حائط اللا إنسانيَّة.. وأترك البحث عن شئ ليس له وجود من الأصل, وأن أتقبل الحياة كما هي بمُرِّها ومُرِّها.

LIBS

أَوَآنُ..الآنْ...!!

اترك تعليقاً