You are currently viewing رواية شئ% – الفصل الحادي عشر

رواية شئ% – الفصل الحادي عشر

الفصل الحادي عشر

مِنْ اللَا حُبْ مَا قَتَلْ

 

أتذكر الحب الذي لم ولن ولا أستطيع أن أبدّل إسمه بأي مصطلح آخر غير إسمه الذي يعبر عنه.. حاولت أن أعبِّر عنه بأي كلمة تغطي معناه ووصفه كرأفة أو عطف لكن لم تناسب أي كلمة أن تكون مكانها, وكلما عدنا بالتاريخ إلى الوراء يتضح لنا بأنها كلمة من كلمات الله التي لا تقبل أي تعديل أو تبديل.. فطرياً كان هو إهتمامي الأول عندما كنت طفلاً لا يتجاوز عمره الأربع سنوات, غير أن حياتي كانت تعاني قحطاً عارماً منه فمن الطبيعي كان أول ما يتبادر إلى ذهني إذا إستمعت لأي حديث في أي مجال.. كنت أربط به كل شئ بطريقة جنونيّة.. ولا أعتقد أن ذلك كان خارج عن المألوف لوضع طفل يمر بنفس ظروف حياتي وحساس ومرهف لأبعد مدى كوني, كان حلمي بحبيبتي لا يتوقف أبداً.. وكأنه أوكسجين أتنفسه.. إن تم إيقافه بأي شكل من الأشكال سأموت, كان ميلي له فطري بدرجة مطلقة.. لم يكن نتاج مشاهدة سينمائيات غرامية أو سماع أغاني أو قراءة قصائد شعرية يعبو معانيها الحب وبين طياتها تفاصيل جنونيَّه أو  أي شئ من هذا القبيل.. بل لم تكن البيئة التي أعيش فيها إلا أشبه بسجن مجرمين حُكم عليهم بالمؤبد لأن جرائمهم لا إنسانية خالية من المشاعر الفطريَّة.

 

وكأي طفل أُغرِمت في صغري بطفلة من عمري من تفرعات العائلة.. لكن كان ذلك حب من طرف واحد.. فماذا عساي أتوقع من طفلة حياتها مشبعة بحب وسطها لها.. أعتقد أن ليس على وجه الأرض طفل إلا وكانت أول غراميات حياته حتى وإن كانت فكرية مع طفله من نفس عائلته, كان ذلك الأمر يشغل كل كياناتي إبتداءاً بالجسد وإنتهائاً بالروح.. كلمة "حبيبتي" شغلت كل أماكن حسي.. فكنت وبرغم أنني لست على علاقة فعلية بأي حبيبة إلا أن تفكيري بحبيبتي لا يتوقف.. ففي المنزل كنت أضحك معها وأبكي لها.. وعند الخروج لأي مكان خارج المنزل لا أعود إلا وبين يدي هدية لها.. تفكيري بها كان هو نبضات قلبي.. كل أفكاري وخيالاتي لم تكن إلا مياه لا تنقطع تسير على وادي حبيبتي.

 

من هنا بدأت حياتي تعيش في عالم آخر تماماً.. عالم الخيال حيث أن فيه كل شئ فيه يسير كما أتمنى فقط.. فقط.. لم يكن لدي خيار آخر للعيش فيه, كان جسدي وروحي مقيدين تماماً بتلك الأفكار.. إمتزجت الطفولة والرومانسية والخيال والمشاعر المرهفة بإحساس لينتج جنون صارخ بألوان عجيبة وأشكال رهيبة لا يمكن وصفها بأي لغة.. ولا يمكن لأي خيال تصورها.

 

كنت وبرغم أن شيئاً من عالم الخيال لم يتحقق شيئاً منه.. إلا أن مشاعري تقودني للبقاء في ذاك العالم الوهمي, بدأت أفكاري تتراكم خيالاتها فوق بعض ومن جميع الجوانب.. كل يوم يزداد جحيمي.. عفواً أقصد كبتي للعاطفة مطلقة الإنسانية التي تكبر كل ثانية بروحي ولا أعلم لماذا تبتعد عني جسدياً كل يوم, كنت لا أزال متمسك بمشاعري ولم أترك مجال لفكرة أن أفكاري مجرد خيال, كانت الأنثى عندما كانت حقَّاً أنثى محبتها لا تقبل إلا مكانة ما بعد حب الله والرسول لعظمتها في كيان الرجال.. كانت فعلاً تستحق كلمة "أنثى" بخجلها وحيائها وبرائتها مهما كبرت.. وعطفها كيفما عاشت.. وطهرها أينما كانت.

 

ظلت الأنثى على ذلك القَدْر لفترة ويا للأسف بدأت دورة الحياة تنقص من قدرها كل يوم.. هكذا هي حكمة الله التي لا يعلم مغزاها سواه.. ليس هناك أي شئ في الحياة الدنيا يبقى على حاله.. وعندما كان عمري ثمانية عشر وفي ذلك العام بدأت تقِلُّ مكانة الأنثى في قلبي.. بل في الحياة بشكل عام كانت مكانة الأنثى تقل كل يوم, وكان ذلك نتاج كل دخيل يطور الحياة في جميع المجالات لتكون أسهل.. بدأت الأنثى تفقد تلك الصفات شيئاً فشئ.. ومنذ ذلك العام بدأت أغسل أفكاري وأقنع نفسي إجباراً بأن علي الإستيقاظ من ذلك الـ.. ـكابوس.. عفواً أقصد الحلم !! لأنه خيالي ليس ولم ولن يصبح واقع إلا تحت سقف الإخراج.

وفي تلك الأوقات بدأت أغض النظر عن قصة حب وبدأت أبحث عن زوجة تشاركني أي حياة بخفتها وثقلها وبحلوها ومرها لنستطيع حمل همومنا سوياً لكي لا نقع بكل المقاييس.. وعندما نقع يكون كلٌ منا سنداً للآخر في الوقوف مرة أخرى.. كان يحمل كياني شئ من المشاعر على أمل أن شيئاً من تراكمات خيالي سيصبح واقع يوماً ما.

 

إلى أن أصبحت في الثاني والعشرون من عمري كان قد إضمحل حتى تلاشى ذلك الشئ المتبقي من الإنتظار سواءاً لقصة حب أو واقع يجمعني بحبيبة, إلى ذلك الحين كنت قد خضت علاقات كثير.. لكن ليس بحثاً عن شئ.. كنت أحاول في كل علاقة تعويض الفتيات بكل ما كنت أنتظره ولم أجده.. ربما أن هناك فتاة لديها ذات مكنوني وتحدث المعجزة وأجد ملكة إنتظاري, كل علاقة كانت بمثابة شرارة تشعل نيران كل مشاعري أكثر وتحرقها لكي تتوب وتموت عن الإنتظار.. والبحث.. والأمل, خسرت الكثير جداً من كل شئ من حياتي.. وجاء ذلك اليوم الذي إتخذت فيه قرار أن أخرج عن أي شعور وإحساس وخيال وأفكار وكل خيط يمد للشئ الذي إسمه حب بصلة.. أينما كانت حالتي وكيفما كانت حالتي.. ووقتما كانت حالتي.

 

~

 

يوما ما خطرت على بالي فكرة أن أكتب رواية بعنوان "المُنْتَحِرُوُنْ".. بحكم كل علاقاتي وكل من قد حكى لي تجربته مع الإنتحار وبإطلاعي على الشارع العربي العام من خلال الإنترنت وُلِدت فكرة رواية المُنْتَحِرُوُنْ وبما أنني قارئ وكاتب شعرت أنني سأكتب شئ أستهدف به العرب وربما تثريني تلك الرواية.. لقد قرأت روايات كثيرة ولم أكن أقرأ إلا روايات عالمية مثل "شفرة دافنشي" و"البؤساء" ومسرحيات وليام شكسبير وبعض الأحيان ألجأ لروايات ليس عالمية لكن أجنبيَّة لفتت عناوينها إنتباهي.. أبتاعها لأنها كانت الأكثر مبيعاً في دول أوروبيَّة, كان أحد المستحيلات أن أقرأ رواية عربية لأنني قرأت في ما مضى روايات عربية وكُتابها من دول مختلفة.. لكن لم أجد فيها شئ يقودني لشراء رواية عربية فإمتنعت عن قرائتها.. إلا رواية عربية واحدة كان كاتبها من نفس البلد الذي أنتمي له.. ما جذبني لقرائتها هو عدد النُسخ التي طُبعت من تلك الرواية.. عندما رأيت عدد النسخ فإبتعتها بلا أي تردد وأنا متأكد بأنها ستأسرني بمتعة قرائتها.. وبالفعل قرأتها ولم أندم ذرة ندم على قرائتها لأنها فعلا ممتعة.. فكرت حينها أن يتعاون معي الكاتب في كتابة المنتحرون.. وقبل أي نقاش في الأمر كان رده على رسالتي التي طلبته فيها التعاون لكتابة رواية ستجذب القراء عند قرائة عنوانها ولن يتردد أحد في شرائها لإحتوائها على قطرة من كل بحر من حياة القارء العربي, وقبل أن أرسل له أي شئ عن محتوى الرواية جائني منه رد بإعتذار وأنه لا ينصح بالتعاون بين شخصين في رواية, ورسالته أنهت فكرة الإشتراك كيفما كان بين شخصين في كتابة شئ.. حدث ذلك على موقع التواصل الإجتماعي Twitter وبعد لحظات من رده وصلتني رسالة من فتاة بأنها مستعدة للإشتراك في الكتابة برغم قلة خبرتها في الكتابة.. لم أكن أبالي بالخبرة.. فكل ما أحتاجه أفكار وإقتراحات وإنتقادات وآراء.

 

لقد عرضت الفكرة على الفتاة.. لكن لم تنال إعجابها.. حياتها ولله الحمد لم تكن مأساويَّة لتأييد فكرة المنتحرون, لقد إنتهت فكرة الرواية.. لكن بدأت قصة جديدة في حياتي قد يُولد منها شئ يغسل أفكاري من التلوثات التي سببتها حياتي, برغم إكتفائي من الحب.. وخسارت الكثير بسببه.. وإضطرابي الامنتهي في كل زاوية من زوايا حياتي.. إلا أن كياني عاد لتكرار أن كل شئ سيستقر إن إستقر قلبي بحب فتاة لديها أشياء كثيرة أنا بحاجة لها.

 

لقد وقعنا في غرام بعض.. وقبل أي حب إتفقنا أن نتزوج عندما تنتهي من دراستها الجامعيَّة, صدقاً أحببتها.. وحاولت أن أجد في شخصيتها شئ كنت أبحث عنه  ولم أجده, ووجدت في شخصيتها شئ لم أجده في شخصية سواها.. شئ كنت لا أبحث إلا عنه عندما كنت أبحث علني أجده.. عندما كان كل شهيق وزفير من أنفاسي يمدني بوهم أنني سأجد ما أريد.. لكن ككل أمر سعيت له في حياتي.. لا يصبح بيدي إلا عندما أصبح لا أريده لأنني لم أعد بحاجة له, لقد وجدت فيها أمران يعتبران بالنسبة لي أهم مقومات الإستمرارية.. الجمال.. والذكاء.. ووجدت فيها الكثير.. ماشاءالله تبارك الله وأقسم بالله أنني لا أريد سوى أن يجمعنا الله تحت سقف نملكه بعيداً عن عائلتي وعائلتها لكي تستمر الحياة على خير ما يرام.

لم يقف في طريق حبي لها إلا أمراً واحد.. إختلاف الثقافات.. أتمنى بكل ما تبقى مني أن تستطيع تحملي إلى وقت الزواج, إن كان عليَّ فأنا معتاد على أضعاف تلك الصفعات التي تنهي كل شئ.. فأستطيع تحمل إختلاف الثقافات.. وبرغم أنها فتاة أُحسد على كل شئ فيها ومنها إلا أنني أدعو الله أن لا تتغير مشاعرها تجاهي.

 

إن المقصود بإختلاف الثافات هو أنني لن أحظى بالغنج الذي أحتاجه وأتمناه وأريده وكنت أبحث عنه.. إختلاف الثقافات أي تصرفاتها كتصرفات بيئتها التي تعيش فيها.. ومحيطها الذي تعيش بين أناسه.. وتأثرها بثقافت من عاشت معهم, إن كل ذلك يتعارض مع الثقافة التي عشت فيها ومحيطي الذي خلق إحتياجي لبعض تصرفات أناسه ويتعارض مع ثقافت من عشت معهم, ويصعب في هذا العصر تقبُّل أوجه مختلفة عن الأوجه التي رأيناها وعايشناها وبنائاً عليها نتخذ جميع قراراتنا.

بالنسبة لي فأنا متقبِّل الأمر كما هي عليه.. وبرغم أنني كررت سؤالي عليها كثيراً إلا أن رحمتها تكون أكبر دائماً بأنها تحبني ولا تريد إنهاء علاقتنا.

LIBS

أَوَآنُ..الآنْ...!!

اترك تعليقاً