You are currently viewing رواية شئ% – الفصل التاسع

رواية شئ% – الفصل التاسع

الفصل التاسع

ليلة الذكرى

 

في عام الخامس والتسعين وتسعمئة وألف من الميلاد كان عمري ست سنوات.. أدخلني والدي مخزن المنزل والذي لا يدخله عادة سواه.. وأخرج منها أمور عدة.. من بينها صندوق أراني كل ما يحويه, لقد كانت ذكرياته التي إحتفظ بها منذ طفولته إلى أن تخرج من الجامعة.. من العائلة والأصدقاء, كانت أنتيكات لكن لها قيمتها.. وبعضها خردوات تعمل لكن بذكاء فريد في وقت صنعها, لقد أحببت تلك الهواية جدا وتولعت بها.. فقررت أن أبدأ ممارستها منذ ذلك اليوم, وبدأت بالفعل بالإحتفاظ بكل شئ من زملائي في المدرسة ومن أقاربي, إحتفظت بها خمسة عشر عام تقريباً.. برغم إنتقالي المستمر وعدم إستقراري إلا أنني كنت أحملها معي.. كانت هذه الهواية الشئ الوحيد الذي لا يمكنني التخلي عنه.. رسائلي في المدارس بيني وبين أصدقائي.. الذين كنت أعتقدهم أصدقاء.. وكل هداياي التي قد إبتعتها منذ طفولتي لحبيبتي التي كنت أنتظرها لتشاركني الحياة بحلوها ومرها.. التي كل ما إستطعت فعله لها بقدرات طفل هو تخيلها معي والسفر معها لعوالم لا أحد يعلم مكانها وليس فيها سوانا.. أتذكر كل الورود التي إبتعتها لها وكل الأساور والخواتم والعقود والميداليات والدمى, لقد مر وقت طويل على إنتهاء عهد رسول الله الذي بين لنا بأن هذا حال الدنيا كل ثانية تمضي في الدنيا أسوأ من التي قبلها..

 

روى البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: "وَكَانُوا يَضْرِبُونَنَا عَلَى الشَّهَادَةِ، وَالعَهْدِ".
قال النووي رحمه الله:
"الصَّحِيحُ أَنَّ قَرْنَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصَّحَابَةُ، وَالثَّانِي: التَّابِعُونَ، وَالثَّالِثُ: تَابِعُوهُمْ.

 

لم أكن أكترث لعدد القرون التي مضت.. كنت أريد كل ما في مخيلتي بعد إرادت الله أن أعيشه على أرض الواقع.. لم أفكر تلك الأيام في أي أمر آخر, لم أضع في الحسبان أني أعيش يومها في قرن يسوده ما يسوده من الفساد.. كنت متأكداً بأن حبيبتي ستأتي يوماً وأن أصدقائي يحبونني محبة نقيَّة لا يعكر صفوها أي شوائب, إن ما قمت به كان بالفعل له قيمةٌ كبيرة في حال لم يخرج عن المسار الطبيعي أحد من الذين جمعت ذكرياتي معهم.

 

جاء يومٌ لأستعيد ذكرياتي التي أنهكت عاتقي.. إتصلت على صديقي الذي كان أعز أصدقائي.. وأخبرته أنني بعد عشر سنوات لا زلت أحمل ذكرات بيني وبينه عندما كنا في المدرسة وكنا نضحك ونلعب سويَّاً.. فأخبرته أن لدي أمور ستثير تعجبه وتضحكه.. وعندما حاولت إقناعه بأن يأتيني أو أن أذهب إليه لأريه إياها.. أجابني بأني لا أجيد التسويق وقابل حماسي الذي كنت متأكد أنه سيجدد علاقتي به بإستهانه وتهميش, عندما تريثت قليلاً وفكرت كثيراً في كل علاقاتي عندما كنت طفلاً كانت كلها هدفها واحد.. كانوا جيمعهم يسعون نحو غاية واحدة.. وهي ممارسة الجنس.. بالطبع لم ينالوا شئ من غاياتهم القذره وإلا ما كنت أكتب الآن وإنخرطت لقذاراتهم.. لكن كانوا أصدقاء مقبولين حينها بمحاولتهم إرضائي.. إلا ثلاث منهم كانت علاقتي بهم طاهرة منذ البداية وهم أحمد وفيصل وعبدالملك الوحيد الذي لازالت علاقتي به مستمرة حتى اليوم..

وإلى ذلك اليوم لم أكن قد وجدت حبيبتي برغم أني عندما حاولت الذهاب لها ضحيت بأكثر من كثير لكن بائت كل محاولاتي بالفشل, لسبب لا يعلمه إلا الله..

 

إلى أن جاء يومٌ إتصلت فيه على إذاعة FM للمشاركة في موضوع الحلقة الذي كان يتحدث عن الذكريات وكانت مشاركتي بإختصار مفادها أن لا تحتفظ بأي ذكريات إذا لم تكن مستقر في حياتك وإذا ماكنت متأكد بأن ما تحتفظ به من ذكريات يستحق الإحتفاظ ليشاركك بفرحة حمله أشخاص يستحقون ولو مساحة بسيطة من الذكريات, بعد أن أغلقت خط الهاتف توجهت لمكان لا أعلم أينه.. لكن كل ذكرياتي معي إبتداءاً بأصغر ورقة كنت أتحدث بها في الحصة الدراسية مع زملائي وإنتهاءاً بأكبر هدية إبتعتها لحبيبتي الخياليَّة حتى بعض أوراق الحلوى الفارغة والذي مكانها سلة المهملات كنت أحتفظ بها لأنها من أناس يستحقون التقدير.. توقفت عند محطة بنزيل ولست متأكد بكم ريال أخذت بنزين في قارورة الماء الفارغة لأحرق ذكرياتي التي جمعتها لقيمتها آنذاك.. وأحرق كل ذكرى أحملها حتى دفاتري التي كنت دوماً أعود إليها لتدوين أفكار خارقة ومعي ماء لكي أطفئ النار بعد أن تنطفأ ناري.. أفرغت الصناديق على أرض الشارع الذي يبدأ من الشارع العام ولا أعلم أين ينتهي وعن يمينه ويساره أراضي ترابية ليس فوقها شئ.. 

 

2

 

1

 

10

 

قليلاً من البنزين لتشتعل أكثر..

 

3

 

4

 

5

 

6

 

7

 

8

 

9

 

12

 

13

 

وداعاً بِلا عِناق.. كان عنوان أحد قصائدي التي إحترقت مع الذكريات…

 

14

 

15

 

16

 

17

 

18

 

 

LIBS

أَوَآنُ..الآنْ...!!

اترك تعليقاً