الوجه الآخر من عُملة الحياة…!!

حقيقتاً تمنيت أن يعود بي الزمان مرة أخرى مذ بدأت حواسي تعي ما يدور حولي, سأتحدث في هذه المقالة عن أمر كان آخر ما قد يخطر ببالي يوم وهو تجلي الوجه الآخر لعملة الحياة.. رؤيتي لوجه واحد لعملة الحياة كانت من أعظم الأخطاء التي إقترفتها في حياتي, كانت البيئة التي كبرت فيها تدعوني للتفكر في كل جزء من الثانية تمضي في حياتي.. فكنت أفكر كثيراً بل وأدرس المشاكل وأسبابها وأبحث عن بدائل لها وأحاول جاهداً إيجاد حلول لها كما كنت كثير التفكير في حال كل شئ وفطرياً أنتقد وليس بمقدوري إلا إلتزام الصمت لأسباب كثيرة.
 
كبرت وبلغت سن المراهقة السن الذي يعتقد فيه الإنسان أن ليس لطاقته فوق وأنه يملك أكثر من ما يملك وبما أن أموراً لم تتغير في حياتي كنت أريد وأعتقد أن بمقدوري تغيير ما أريد بأول وأهم عنصر يجب توفره وهو العلم, فكنت أركض خلف علم التنمية البشرية ركض الوحوش ولا أتهاون في تعلمه.. تعلمت حينها مادة "البرمجة اللغوية العصبية" وبعد ممارستي لقوانينها ومبادئها ومفاهيمها وتحقق الكثير من تمارينها التي تدعو المرئ للمضي قدماً في الحياة وليس لأي إتجاه آخر إعتقدت بأنني أملك أكثر من العالم بكثير, بدأت بالتمارين البسيطه لأثبت لنفسي أن ما درسته علم صائب قائم على أساسات يجب توفرها في حياة الإنسان إن كان يسعى للنجاح, تحقق بالفعل الكثير من التمارين التي قد يبدو تحققها محال لشخص لا يعلم أسرار مكنون النفس وما يمكنها تحقيقه من نجاحات, وكنت كلما أجريت تجربة لتمرين يستلزم إستحضار جميع الحواس لا أرى أمامي إلا نتيجة إيجابيَّة وأصعد درجة أعلى وأصعب في السلّم الذي لم أكن أراه لولا ذلك العلم الذي دفعني للصعود بإتجاه القمَّة دون أي تراجع لا سيَّما المنطق البحت الذي كل دلائله تشير إلى أن القدرة تستطيع الصعود للقمَّة وتتجاوز كل العقبات بآلية معيَّنة, كان ذلك شغلي الشاغل ليل نهار إلى أن وصلت لمرحلة أعتقد بوصولي لها أن الوقت قد حان لرسم خطة أسير في حياتي على نهجها.. في عام 2006 م رسمت الخطة وكتبت رسالتي في الحياة وأهدافي ورؤيتي.. كنت أعتقد بأن تدويني لكل ذلك في مذكراتي وبترسيخه على مقدَّمة أفكاري كافٍ لتحقيقه فلم أجهد نفسي أكثر لتحقيق ما خططت له بالإضافة إلى خبرتي التي كان يزداد رصيدها كلما نجحت في تحقيق أحد التمارين.
 
يوماً من أيام عام 2010 م وأنا أقلّب مذكراتي وجدت كل ما كتبته قبل أربعة سنوات وكانت الصدمة الصاعقة أن كل ما كتبته محقق بنسبة لا تقل عن مئة بالمئة, حقيقتاً ذهلت وإنبهرت جدا.. أن كيف حدث ذلك !؟ كنت فخوراً بأني توصلت لمعنى النجاح وإزداد رصيد ثقافتي في مجال تطوير النفس وأخذتني العزَّة بالإثم ورحت أتباهى بعلو مكانتي في كل مكان وبما أنني لم أتعلم التواضع ولم يكن له سيرة عندما درست المادة لا إراديَّاً غلبتني نفسي وأصبحتُ ذاك المتغطرس بكِبر أعوذ بالله منه ممقوتٌ بغيض فكنت أعتقد أني بشئ من العلم أصبحت أملك زمام كل الأمور, فألَّفتُ من تجاربي مادة جديدة تعلم الإنسان كيف يصل لمبتغاه الدنيوي كيفما كانت حياته مع تصحيح بعض الأمور التي تأكد وصول الشخص لمتغاه, فعنما رسمت الخطة الأولى كنت صغيراً ولا أعلم أن هناك أمور كان علي تضمينها بشكل رسمي لقائمة أهافي.. فأضفت لما تعلمته أن على الساعي قبل التخطيط لأي أهاف عليه إضافة أهاف للجانب المادي وغيره وأن على الإنسان بقدر صدق رغبته في الوصول للهدف عليه التقرُّب منها بكل ما يستطيع.. فعلى سبيل المثال لو كان إمتلاك منزل ضمن أهدافه فعليه تعليق صوراً للمنزل الذي يحلم به في كل مكان من حوله ليكون ذلك بمثابة دعم للوصول إلى الهدف في أسرع وقت ممكن, لم تكن تسمح لي ظروفي بالقيام بشئ من ذلك الدعم, فأعدت كتابة أهداف جديدة ورسمت خطة أسير على خطاها كما حدث في التجربة الأولى لكن هذه المرة كانت حياتي مرفة أكثر فسمحت لي الظروف أن أقوم بدعم خطتي بكل ما أريد.. لكن فشلت التجربة.. ومنذ ذلك الحين وأنا أرسم خططاً جديدة وأهدافاً جديدة واثقاً بأن شئ لن يقف أمامي الآن لتحقيق ما أحلم به, وفي كل مرة كانت تفشل الخطة وكدت أصاب بالجنون لأن فشلي المتكرر في كل مرَّة يفقدني سيطرتي على أمور كثيرة, فأنا لم أغير مسار خطة النجاح والأهداف محددة والرسالة أمامي والرؤية لا تغيب عني.. فلم يقدني ذلك إلا لضرب مادة البرمجة اللغوية العصبية بعرض الحائط وتخطيئها وإنكار أن مضمونها غير منطقي لأن هناك ثغرة إما في حياتي أو المادة تمنعني من مواصلة النجاح !!
 
في سنة 2015 م  يوماً ما بدأت أقرأ كتاب "خوارق الاشعور" للأستاذ علي الوردي وبعد قراءة المقدمّة ذهبت إلى غرفة أمي وقلت لها أن هناك أمرٌ غريب جداً يحدث لي فسألتني ما هو فأخبرتها أن أي فكرة أخطط للقيام بها بمجرد قولي بأنني سأبدأ القيام بها تنتهي وتتبخَّر وكأنني لم أفكر فيها من الأصل !! فسألتي عن أن بإعتقادي ما سبب ذلك فأخبرتها بأن هذا ما فهمته من مقدمة الكتاب فقالت بأن ذلك غريب بالفعل لكن لماذا تعتقد بأن ذلك يحدث !؟ فأجبتها أن الفكرة بكامل مضمونها كامنة في أغوار ذاتي بجذورها وأني ببوحي لها أطلق سراحها من طيّات كياني, لم يظهر على ملامحها الإقتناع الكامل وذهبت إلى دورة المياة وعندما عادت قالت لي بأنها تذكرت حديث الرسول محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم قوله: {واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان… }, كان حديثها بمثابة كنز وعثرت عليه أخيراً.. وعلمت أن ذلك قانون إلهي ومعادلة لا يمكن الإجابة عليها إلا بالدين الإسلام الذي دائماً يأكد أمورٌ إختلف أهل علمها في مسائلها في كل المجالات, وبالتأكيد ذهبت لأقرأ الكتاب متعطشاً لكل حرف فيه.. وكان بالفعل  بالنسبة لي ثروة ومنجم لكل المعادن النفيسة وإجابات لأسئلة كثيرة كانت تدور في عقلي من سنوات وتفسيراً لما حدث منذ البداية, وعندما ذهبت بذاكرتي إلى الخطة الكبرى الأولى التي تحققت بشكل كامل لمعرفة لماذا تحققت وبرغم أن الخطط الكبرى التالية لم تتحقق برغم دعمي لها بكل ما أملك وجدت أنها الخطة الوحيدة التي كل ما قمت به لها هو كتابتها مرة واحدة وتركها في مذكراتي القديمة, فتجلى الوجه الآخر من عملة الحياة التي لم أكن أرى منها سوى جانب الجد والإجتهاد والتضحية والمثابرة والعمل وغيرها الكثير الكثير من الأمور التي إقتنعت الآن أنها مغلوطة وأن ليس كل من جد وجد فهناك أمور إطلاق سراحها هو سر نجاحها, ولا شك في ذلك ولا غبار عليه.. لكن ذلك لا يعني أن تسكت عن كل ما يدور في ذهنك.. فلو لم أتحدث مع أمي عن ذلك الأمر الغريب لما وصلت لشئ من تلك المعادلة الصعبة.

LIBS

أَوَآنُ..الآنْ...!!

اترك تعليقاً