.
\
أ:
ولدت كأي مولود.. وفي الثالثة من عمري فهمت أن لي عائلة والتي ككل العوائل في الدنيا فيها أب وأم وأخوان وأخوات فقط, لم تستوعب حواسي آلية عملها بالكامل إلا في سن الرابعة تقريباً, كنت أشاهد صور وأسمع أصوات فقط.. أخذت عيني ترسم أشكال وترسلها لعقلي وأذني تسمع الكلمات وتترجم معانيها وترسلها لعقلي الذي بدوره يوثق المعلومات.. إستوعبت أنني مخلوق له حواس يدرك ما يدور حوله بها.. وبدأت أتعلم كيف كل حاسة تكتسب خبرة.. وقررت أن أنمي مهاراتي عندما أكبر.
.
ب:
في سن الخامسة ظننت أن هذه هي الدنيا وكل ما فيها, أب وأم وأخوان وأخوات فقط.. ومنزل يجمع تلك العائلة.. كنت أرى أعمامي وأخوالي لكن لم أكن أعرف أنهم ضمن العائلة.. في ذلك العمر كنت أرى دائما وفي كل مكان وكل وقت ذكر يمشى بجانب أنثى ولم أكن أعلم السبب الرأيسي في ذلك.. وما العلاقة التي تربط هذا الذكر بتلك الأنثى !! لم أكن أنا وهاجسي سوى كجاني ومجني عليه.. أحاول الإمساك بأي خيط يدلني على تعويذة القضية, نعم كنت صغيراً حينها.. لكن ظروفي أرغمتني على الرغبة الملحة بشريكة حياة تقاسمني المجريات برغم أني لا أعلم سبب وحاجة تلك الرغبة التي قررت أن أكملها عندما يسمح لي عمري بذلك.
.
ج:
كانت فتاة بعمري قريبة لكن ليس بشكل مباشر كانت من أفراد الأسر المتفرعة من أسرتي.. عندما وجدتها شعرت بأن قضيتي حُلت ووجدت ضالتي وليس في حياتي أي مشاكل !! لقد كان هذا أبعد نطاق فكري بما يخص علاقة الذكر بالأنثى, كنت أعتقد أن المعادلة مسلمة ومنتهية لا غبار عليها ولا جدل فيها وهي أن العشق الأول يساوي العشق الأخير وهو حل لكل مشاكل الحياة.. لذلك طمأنت نفسي فأني في يوم من الأيام سأحقق هذا الإنجاز.
.
د:
إلى عمر الرابعة عشر كانوا يملؤون عقلي وحرصوا كل الحرص أن يطعموا أفكاري بإشباع ويغرسون في ذهني مبادئ الحياة.. أو بمعنى أدق المبادئ التي كبروا عليها,
!/ علموني بأن عليَّ أن لا أتعدى حدود يومي وكبلوا عناني بأصفاد حديدية بين أربعة جدران لمدة عشرون عام بعدها وبخوني على إنطوائي.
!/ من يخالف تعاليم الدولة الدينية سيعاقب بلا رحمة.. كنت أخالفها كثيراً لكن بصمت, وبعد سنين طابقت آرائهم آرائي.
!/ وأكثر ما أنا مستاءٌ منه.. أنهم علموني بأن المدرسة بيتي الثاني الذي زرع في تربة شخصيتي جذور العقد النفسية, لكن طالما سيرة الدراسة لا تزال على لسان جميع البشر كنت مؤمن بأهميتها وأريد إتمام الدورة.. لاسيما حاجتي للإختلاط بالناس.
حتما أبنائي وبناتي سيكونوا مختلفين بأرواح طيبه.. لن يكونوا أبداً كالذين أخذتهم البيروقراطية المنافقة لتحقيق أهدافهم, ستكون أهدافهم أسمى من ذلك بكثير وسيكون نجاح تحقيقها مجهوداتهم هم حين تنجبهم لي زوجتي التي بدأت بشراء الهدايا لها منذ وعيت في الدنيا.
.
ه:
في السابعة عشر من عمري ألحقتني أمي بدورة هي النقطة الأهم على الإطلاق في حياتي والتي تعلمت منها تقبل الحياة كما هي وبرمجة ذاتي على التأقلم مع حياتي كيفما كانت, حينها عودت نفسي على الإتفاق والموافقة مع وعلى كل شي لتكمل عجلت حياتي مسيرتها.. قمت بالفعل بذلك ورسمت خطة لحياتي وكتبت رسالة ورؤية في الحياة أعتقد حينها أنها الأسمى, وبدأت التطبيق لأكمل الرسالة التي كتبتها.
.
و:
أصبح عمري واحد والعشرين.. حققت كل ما خططت أن أكون عليه قبل أربع سنوات بشكل أكبر من ما كنت أتوقع, كانت التجربة الأعظم في حياتي.. وعلمتني أحد أهم دروس حياتي, أن الجسد تركيبة مستقلة عن الروح.. الجسد والروح عندما تتعامل معهم يجب أن تعامل الجسد كشخص له إحتياجات والروح شخص آخر له إحتياجات, جسدي تحقق كل ما كان يحلم به وبمرتبة الشرف.. لكن الروح.. وعدتها بأنني سأحاول إرضائها بقدر ما أرضيت جسدي.
.
ز:
"عندما أكبر"..
"عندما يسمح لي"..
"في يوم من الأيام"..
"حين تنجبهم لي زوجتي"..
"لأكمل الرسالة التي كتبتها"..
"(( سأحاول )) إرضائها"..
زوايا منفاي بدأت تضيق بي ويبدو أنها ستأخذي لمنفى آخر.. لكن سيفرجها الله غداً وأكمل نصفها الآخر…!!
هناك حروف كثيرة ومراحل قادمة لم تقبل عليها,,
ولكن بإختصار هناك ما علمتني الحياة, وهناك ما أردته منها.
الجسد لك والروح لله,
العقل ينبغي أن يدلك وليس قلبك… فالقلب قد يهوى التخلف ويجذبك إليه.
العقل كدليل مفيد ولكن يجب أن تطوره وتعلمه الإستكشاف والخرائط.
وسيصبح مفيد جدا.
أتمنى لك التوفيق يا صديقي.
سيدي الفاضل سعيد..
أوليس علي أن أتيح الفرصة لعقلي وقلبي في إتخاذ القرار لأكون أصبت الهدف ؟
ربما ستكون للعقل النسبة الأكبر في الخيارات, لكن أعتد أن القلب كذلب يجب أن لا أحرمه حصة من حقه في الإرشاد ..
أستاذي سعيد.. أنصحك بقرائة كتاب "خوارق اللاشعور" لقد ترك أثر في حياتي من أعظم الآثار..
شئ من الكتاب من هنا وشئ أكثر من هنا
أستاذي سعيد.. أتمنى لك كل التوفيق كذلك وأتمنى أن لا تحرمني تواجد رأيك
شكرا لك 🙂