معرفة المرض نصف العلاج.. هذا المبدأ صحيح بنسبة 100%.. فعندما تذهب لطبيب ويسألك عن مشكلتك وتجيبه بأنك تعاني من أعراض معينة سيعرف آلية تشخيص حالتك وما العلاجات التي يجب أن يوصفها لك.. بينما لو أجيبته بأنك لا تعلم مالذي تعاني منه ولا تعلم ما علتك كل ما تعرفه أنك تعبان.. سيضطر للبدأ بخطة معقدة نوعاً ما وهي أن يسألك ويستدرجك في إجاباتك إلى أن تقول بنفسك مالذي تشكو منه ولماذا.. لو إعترفت بمرضك سيتجاوب العلاج مع حالتك بينما لو أنكرت لن يكون هناك تفاعل بينك وبين العلاج, السبب الأول الذي سيقودك لإنكار مرضك هو العادة.. فقد تعود جسدك وروحك على البقاء دون الحاجه لعلاج لمدة طويلة فيصعب الإعتراف بوجود مرض سواءاً كانت شخصيتك طبيعية أو عنيدة, لو إستطاع الطبيب الوصول لنقطة السبب الأساسي لما تعاني منه وشرح لك كل ما حدث معك بالتفصيل الممل ووصف لك علاج وشرح لك وظيفة العلاج وما الذي سيحدثه معك لو تناولته.. وما الذي سيحدث لو لم تتناوله سيكون طبيب بارع, لأن أي أمر في أي مجال عندما تتجلى لك زواياه ستصل ذاتك لا إرادياً لذروة التعامل الأفضل معه, إذاً إتضح الآن الأمر بأن بين كل عنصرين فكريين هناك:
# مرسِل
# معطيات
# متلقي
في حياتي إنقلبت موازين هذه المعادلة أعلاها بأسفلها وأسفلها بأعلاها وإنقلبت على عقبيها وضربت كل شئ بعرض كل شئ, لست الوحيد الذي ذاق مرارة هذه الفوضى.. وليس هناك شخص آخر مثلي.. بل ربما ملايين البشر إن لم يكن أكثر, وعندما فكرت في أساسيات الحياة التي يحياها البشر وجدتها تدور حول ثلاثة محاور حسب الترتيب (الدين – السياسة – الذات), لو أخذنا المحور الأول "الدين" سنجد أن المرسل هو الله والمعطيات كاملة لكن وجدت أن المتلقي فهم جميع المعطيات بشكل خاطئ وهذه مصيبة المحور الأول (الدين), عندما إستقبلها متلقي صاحب مكانة من المرسل أجزم أنه فهم المعطيات, تلقاها حسب ثقافته التي ألغت ما قبلها (المعطيات والمرسل) فسارت الأمور بشكل خاطئ وبناءاً على ذلك أخذت الحياة مجرى خاطئ, أما محور السياسة الذي تم بناءه على مفاهيم خاطئة أخذ هو الآخر بالطبع مجرى خاطئ وأصبح المتلقي في حالة مأساوية يُرثى لها, لم يكن على المرسل ولا المعطيات الأصل عتب.. لكن المتلقي أخذته العزة بالإثم وإعتقد أنه أساس المرسل وراح يعظم نفسه فقط لأن المعطيات التي تلقاها مبجلة وأعمته تلك المعطيات وأنسته من وما يكون, أنا أحد الذوات التي تلقت المعطيات من هذا المرسل.. لكن ولله الحمد كانت الأمور جلية بالنسبة لي من البداية وبدأت أبحث في قضية المرسل الأصل الأساس (الله) وأجتهد في نبش معاني المصادر التي أوحى بها الله لكي يوصل رسالته للبشر, خلال دراستي مبهمة الأقطاب وبعد أن إستلهمت الله نوراً إتضح لي المطلوب من المعطيات, كانت معانٍ مختلفه تماماً عن ما تلقيته من الحياة.
ووجدت حينها الجواب الذي لم يؤرقني لكن أخذ حيزاً واسعاً من أفكاري, لماذا الغرب أفصل من العرب !؟ إنَّ ضعف وجهل المتلقي هو ضريبة المرسل والمعطيات القوية, إن أحد الأسباب الأساسية التي وضحها لنا الله أن يتنافس البشر في من سيكون الأفضل فقال تبارك وتعالى في كتابه المعجزة: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}, لن يحاسبنا الله على كيف تلقى آبائنا وأجدادنا وأسلافنا الرسالة وكيف فهموها وعلموها لنا.. نحن محاسبون فقط على كيف تلقينا الرسالة وتعاملنا معها, بعضهم سمع وأصبح وكأنما عبداً لمن سمع منه وطبق.. والبعض الآخر سمع وبحث ودرس وإجتهد وبعد أن أكد له قلبه الذي إستفتاه أنه وصل بدأ يطبق.