You are currently viewing الرسام والرسمة…!!

الرسام والرسمة…!!

برواز الجسد..

.
برواز العقل..

.
برواز القلب..

.
برواز الروح…!!

.

.

.
البرواز الأول:

.

رُسم الجسد في يوم "هادئ جدا" كسيمفونية رومنسية صوفية.. تبدأ آلة العزف ولا يشاركها العزف إلا نقاء الطبيعة, تنتهي آلة العزف لتبدأ الأخرى تتحرك أوتارها لتزيد الطبيعة جمال.. وهكذا تستمر الموسيقى.. هادئة.. تضيف لكل نقص كمال, رُسم الجسد راضٍ عن كل شئ.. وغرب ذلك اليوم بهدوء كما بدأ…

.

.

البرواز الثاني:

.

في اليوم التالي بدأ الجسد يتجول في أرجاء اللوحة باحثا عن تائه ليوصله إلى بر الأمان, ووجد "العقل" مرسوما مُلقى في دهاليز شارع "الخلود بلا مار"…!! ودار بينهم الحديث التالي:

الجسد (أول مرة يرى هذه الرسمة): أيها المجهول.. اجبني ان كنت من رسومات الفنان الحية…!!
العقل (إبتسامة ساخرة): يبدو أنك حديث الولادة…!!
الجسد: نعم.. وما أدراك يا…!!
العقل: يمكنك مناداتي بالمُستبعد.. أما بما يخص علمي بذلك فأنا أرى ما لا تراه الأجساد.. قلة مثلي.. أذكياء.. ليسو جهلة.. مواكبين الثقافة من نخاعها لأعاليها اللا منتهية ومن أتفهها إلى أعظم أسرارها المدفونه في البر.. البحر.. والهواء…!!
الجسد (متعجباً): أكمل أيها المستبعد.. وأخبرني ما قصة هذا الإسم المظلوم…!!
العقل: اسمع أيها الصغير.. كل ما أستطيع تعليمك هو لتعيش بسلام في هذا الظلام.. هو أن تلتزم الصمت مدى الحياة. قد تصل لما أنا علية الآن بصمتك.. لكنك ستكون راضٍ…!!
الجسد (إلتقط حجرة وحفر عليها كلمة "صمت"): حسنا.. لن أطلب منك أكثر من أن تخبرني عن قصة الإسم.. ووداعا قبل أن تجيب لتتأكد بأنني سأرحل..
العقل المستبعد: إحدى الأسباب التي قادني الصمت إليها القرائة.. وقد قرأت مرة بأن تعريف رسمة العقل.. هو حي يبذل مجهود في سبيل الجسد.. العقل.. القلب.. الروح.. ولا أحد منهم يهتم لأمره مهما بلغت أهميته.. وبعد أن يموت.. يستفيدون منه جميعا…!!
الجسد (يفكر بصوت): الجسد.. العقل.. القلب.. الروح.. اذا هناك قلب وروح لم ألتقي بهما بعد…!!

.

.
البرواز الثالث:

.

أكمل مسيرته الجسد وبرغم أنه كان يتلفت كثيرا ولا يرى أحد.. إلا أن العقل كان يتتبعه طلبا لما سيقوله أي أحد, سار الجسد وإتجه إلى شارع "ضحايا الزُهد".. ووجد القلب هناك يعذب نفسه ويقبلها.. لا حبا ولا كرها…!! ودار بينهم الحديث التالي:

الجسد (بجرأه نبعت من خوف): ماذا هناك !؟ ماذا يجري !؟ لما تفعل هكذا أيها المجنون !؟
القلب: (إبتسم بخجل ووابل من دموع عينيه يهطل): لقد اعترفت كما رُسمت بأنني مجنون.. فلما لا…!!
الجسد: وما الذي قادك إلى الجنون !؟
القلب: هذا ما وجدت الجميع عليه.. أوفي ويخونون.. أبكي ويضحكون.. أعطف ويقسون.. أؤمن ويكفرون.. أرضى ويغضبون.. أستقيم وينحرفون.. وفي كل أمور الحياة يقومون بنقيض ما أفعل, فإحترت ما الصواب وما الخطأ.. إن كان الصواب في تعذيب نفسي فها أنا أنتقم منها.. وإن كان الصواب في حب نفسي فكل ما فيني يعطف عليها ويقبلها.
الجسد (يفكر بصوت): وجدتها.. جميع من حولك يفعلون عكس ما تفعل.. لما لا تفعل مثلهم !! إنه عين الصواب…!!

ظهر هنا العقل (منفعلا وصرخ): إصمت أيها الأحمق.. لقد علمتك بأن تكون صامتا لتعيش بسلام,
تراجع الجسد إلى الخلف متفاجئاً.. ثم هدئ العقل وتمالك نفسه قائلا: أنت صغير.. ونحن كبار.. ونعلمك كي لا تقع في نفس أخطائنا.. هناك خطأ يؤدي إلا الهلاك.. وهناك صواب يؤدي إلى الرضى.. ثم غادر المكان…

وواصل الجسد والقلب حديثهما..
القلب: ونقيض ما أفعل يا صغيري خطأ يؤدي إلا الهلاك..
الجسد الآن في صمت شاحب وزادت حيرته.. ويفكر بهدوء الإنعدام ويخاطب نفسه قائلا: درس القلب الأمانه مع من يعرف الهلاك ومن يعرف الرضى ومن لا يعرفهما.. وكل ذلك في سبيل الرضى, التقط حجرة وكتب عليها "الأمانة الفعلية".

.

.

البرواز الرابع:

.

أكمل مسيرته الجسد بحثا عن العنصر الرابع لكي يرى السر بصورة جليّة, وهو يجول في أرجاء مخزن اللوحات كان يفكر بعمق شديد.. ويتذكر كيف كان راضٍ عن كل شي حين رُسم وكيف لم يكن يخطر بباله أن هناك أمور تقطع طريق أي عنصر في الوجود, وان هناك خطأ يؤدي إلى الهلاك وصواب يؤدي إلى الرضى..

ووجد الروح مرسوما في شارع "الأموات" ينتظر الموت.. وعلم الجسد فورا أنها الروح ودار بينهم الحوار التالي:

الجسد: أهلا أيها الروح..
الروح (نظر إليه بلا مبالاة ونكس رأسه للأرض): …
الجسد: هل لي بأن أتحدث معك قليلا…!؟
الروح: إن كنت تبحث عن السعاده فليس في هذه اللوحة التي نحن فيها سعادة.. وإن كنت تبحث عن التعاسة فأهلا بوجودك هنا..
الجسد: لكنني لا أبحث عن السعادة ولا عن التعاسة.. إنني أريد أن أرى الرسمة بوضوح لأفهم شعور الفنان الذي رسم اللوحة, وأعرف لماذا رسمها…!!
الروح (وقف ونظر إلى الجسد بفضول): هناك فنان رسمنا لأمر خاص به لا يعرفه أحد غيره, والفنان لدية معرضه المقدس ومخزنه.. إن إتبعنا الصواب نلنا نعيم المعرض المقدس وإن إتبعنا الخطأ أهملنا في مخزن النسيان.
الجسد: ومالي اراك هنا.. لم أفهم هل رغبتك جدار المعرض أم مخزن النسيان…!؟
الروح: إنه سر لاأستطيع الإفصاح به, لكن سأفيدك بأن كلما عكست للفنان حياة أكثر كلما تبين لك الصواب من الخطأ.
الجسد: لما أنت حزين !؟
الروح: اسمع يا صغيري.. الأمر الوحيد الذي لا يعرف ما يكنه أحد غيره هو الروح, فلا تحكم على الأرواح بما ترى عينك أو تسمع أذنك أو يلمسه إحساسك..
الجسد: أعدك بأنني سأرحل بعد هذا السؤال.. ماهو سبب وجودك أنت والأرواح الأخرى !؟
الروح: العطاء.. للفنان الذي رسمنا أولا ثم كل ما سواه…

إلتقط حجرة الجسد وكتبي عليها كلمة "العطاء" ورحل.

.

.

البرواز الخامس:

.

بدأ يسير الجسد في طريقه عائداً إلى الحديقة التي رُسم فيها.. ومع كل خطوة يخطوها كانت كمية هائلة من التحاليل والأفكار والإستنتاجات تتم داخله, وعاد وفي جيبه ثلاث حجرات:
الأولى كتب عليها " الصمت".
الثانية كتب عليها "الإيمان الفعلي".
الثالثة كتب عليها "العطاء".

وتيقن وهو في طريقه أنه يعود بأعظم دروس في الوجود, لكنه لا يزال حائرا ويشعر بأن الصورة لم تكتمل, إلى أن وصل إلى الحديقة التي رُسم فيها وأخذ يبحث عن سر لتكتمل الصورة.. بحث في جميع زوايا الحديقة ولم يجد الحجرة الرابعة التي كان يبحث عنها والتي بها ستكتمل أسرار العناصر الأساسية الأربعة, وعندما لم يجد شئ أخذ يسترجع ذاكرته بأسمى ما كان يشعر به عندما رُسم, وإستنتج بالمعادلات التي قام بها أن هناك مجهول يجب عليه معرفته.. فالعقل علمه الصمت ليكون راضٍ.. والقلب علمه الإيمان الفعلي ليكون راضٍ.. والروح علمته العطاء ليكون راضٍ.. وعندما رُسم هو كان راضٍ فلابد من سبب جعله في قمة الرضى.. وتذكر أنه كان يضيف لكل محيطه لمسة جمال تكمله.. ووجد ضالته وفرح جدا بتلك النظرية التي سرها يأكد أن بـالجمال.. والصمت.. والأمانة الفعليه.. والعطاء.. يكتمل الرضى في اللوحة.

.

.

البرواز الأخير:

 

بعد أن اكتشف الجسد السر الذي يؤدي إلى الرضى ذهب ليخبر العناصر الأخرى ولاءا لهم وتقديرا واحتراما لما علموه, وذهب الى العقل ووجده في نفس المكان.. وقص له مسيرة حياته ووافق العقل على الذهاب مع الجسد ليجتمع مع العناصر الأخرى, ووجدا القلب في مكانه وقصّا عليه ما يمكن حدوثه ان اجتمعت العناصر الاربعه.. واقتنع بأن يذهب معهم لمقابلة الروح ووجدوها في مكانها وأخبرواها بما حدث لهم ووافق بأن يصحبهم للمكان المناسب لتبادل الأفكار ومناقشتها..

ورحلوا لمعرض الرسام والذي وجدوا مكتوب فوق بابه "المعرض المقدس".. ووجدوا فالمعرض لوحات لا عداد لها.. بعضها لوحات تحمل عنصر واحد.. وأخرى عنصرين.. وأخرى ثلاثة عناصر.. لكن لم يكن في المعرض لوحة تجمع العناصر الأربعه إلا رسمتهم.

وقد توصلوا الى ما يسعون لمعرفته جميعاً (شعور الرسام).. واتضح لهم بأن الرسام جمع العناصر الأربعة في لوحة واحدة ليشعر بـالرضى المطلق, وبأن أسمى ما يمكن للوحات الشعور به هو الرضى والذي هو ما رُسموا من أجله..
وتوصلوا أيضا الى أن تاريخ أي لوحة مهما بلغ رضاها ستبقى تحفة تَسير الحضارة على أثرها كلما ظهرة حضارة بعدها الى أن تصبح قيمة لا تخشى مخزن النسيان يوماً وسيبقى الفنان مالكها.

LIBS

أَوَآنُ..الآنْ...!!

This Post Has 4 Comments

  1. Jaber Munshi

    وجودك الأروع متابعة بصمت..

    كانت وحده من الخطط أرسم رسمة وأقسمها على أجزاء..

    وأحط كل قسم بالجزئية المناسبه له.. وبعدين فآخر قسم أحط صورة الرسمه كاملة..

    بس والله انشغلت لكن لازالت الخطة موجودة 🙂

     

    متابعة بصمت..

    أشكرك بعنف

    🙂

  2. عوكل لوجي

    رسمة تحمل جميع العناصر التي تؤدي إلى الرضى هي جميلة,,
    ولكن الرضى قد لا تجلب الراحة.
    – فأعلى منها الطمأنينة….
    – ولكن بصراحة العناصر في الرسمة تحعلني مطمأن.

  3. Jaber Munshi

    أخي عوكل.. عندما إنتقيت عناصر الرسمه كان بإعتقادي أنها الأساسية فقط, أي سيليها الأمور الثانوية.. لكن كأساسية أعتقد هذه هي.

    لكن شكرا لك.. كلماتك تقودني للتفكير ومراجعة حساباتي الفكرية.

اترك تعليقاً